Loading

البحث التجريبي (Experimental Research)

في هذا المقال، نسلط الضوء على أحد أهم أنواع البحوث العلمية، وهو البحث التجريبي. سنتناول تعريفه، وآلية تنفيذه، والشروط الأساسية لنجاحه، بالإضافة إلى أنواع المجموعات المستخدمة فيه، والصعوبات التي قد تواجه الباحث أثناء تطبيقه.


ماهية البحث التجريبي:

البحث التجريبي هو أحد أنواع البحوث العلمية التي تعتمد على جمع البيانات وتحليلها بهدف تفسير ظاهرة معينة. ويُعرَّف بأنه ملاحظة موضوعية وغير متحيزة لظاهرة في مجال محدد، من خلال التحكم في المتغيرات وقياس تأثيرها.

يرتكز هذا النوع من البحوث على ثلاثة عناصر رئيسية:

1️⃣ المشكلة أو الظاهرة: التي يلاحظها الباحث ويركز على دراستها بناءً على خبرته وسابق اطلاعه.
2️⃣ الفرضيات: وهي العلاقات المتوقعة بين متغيرين أو أكثر، وتساعد في تفسير الظاهرة قيد الدراسة.
3️⃣ المتغيرات: تحديد المتغيرات المستقلة (التي يتم التلاعب بها) والتابعة (التي يتم قياسها)، مع تقليل تأثير المتغيرات الخارجية غير المرغوب فيها.


كيفية تنفيذ البحث التجريبي:

يعتمد تنفيذ البحث التجريبي على تصميم تجارب قبلية وبعدية، والتي تتيح للباحث قياس المتغير التابع بعد تعريض مجموعة تجريبية لتأثير متغير مستقل (وهو ما يُعرف بالمتغير التجريبي).

🔹 التجارب البعدية تُستخدم في حالتين رئيسيتين:

1️⃣ منهج الوحدة الواحدة:
يُطبَّق على مجموعة واحدة، ويعتمد على تعريضها لمتغيرين مستقلين أو أكثر بشكل متتابع، دون الحاجة لمجموعة ضابطة.

2️⃣ منهج الطريقتين المتكافئتين:
يتضمن مجموعتين:

  • مجموعة تجريبية تتعرض للمتغير المستقل.
  • مجموعة ضابطة لا تتعرض للمتغير، بهدف المقارنة وفصل أثر المتغيرات.

يساعد هذا النهج في تحقيق ضبط دقيق للمتغيرات، وبالتالي الحصول على نتائج أكثر موثوقية.


شروط إجراء البحث التجريبي:

عند تنفيذ البحث التجريبي، يجب على الباحث الالتزام بعدة شروط أساسية لضمان دقة النتائج وجودتها:

1️⃣ تحديد واضح للظاهرة والفروض: يجب صياغة الفرضيات بوضوح وربطها مباشرة بالظاهرة المدروسة.
2️⃣ اتباع خطوات علمية دقيقة: تنفيذ خطوات البحث وفق منهجية علمية سليمة لاختبار الفرضيات.
3️⃣ عرض النتائج بموضوعية: تقديم النتائج بشكل دقيق ومحايد، دون تحيّز.
4️⃣ تكرار التجربة: إعادة التجربة أكثر من مرة للتحقق من ثبات النتائج وصحتها.


أنواع مجموعات البحث التجريبي:

في البحث التجريبي، يعتمد الباحث على مجموعتين رئيسيتين لقياس تأثير المتغيرات المستقلة، وهما:

1️⃣ المجموعة التجريبية:
وهي المجموعة التي تتعرض لتأثير المتغير المستقل (مثل: أسلوب تدريسي جديد، أو دواء معين)، بهدف قياس أثر هذا المتغير على نتائج الدراسة.

2️⃣ المجموعة الضابطة:
وهي مجموعة لا تتعرض لأي تغيير أو متغير تجريبي، وتُستخدم للمقارنة بهدف معرفة الفرق الناتج عن المتغير المستقل، وبالتالي تحديد فعاليته بدقة.

📊 من خلال المقارنة بين نتائج المجموعتين، يمكن للباحث تحديد مدى تأثير المتغيرات واختبار صحة الفرضيات.


صعوبات البحث التجريبي:

رغم أهمية البحث التجريبي ودقته في اختبار الفرضيات، إلا أن تطبيقه يواجه عدة تحديات، خاصة عند التعامل مع البشر:

1️⃣ اختلاف الطبائع البشرية:
يصعب التحكم في سلوك الأفراد نظرًا لتفاوتهم في الطباع والانفعالات، كما أن معرفتهم بأنهم تحت الملاحظة قد تؤثر على تصرفاتهم (ظاهرة التصنّع أو المحاباة).

2️⃣ الاعتبارات الأخلاقية:
في بعض الحالات، لا يمكن تنفيذ التجارب دون المساس بكرامة الأفراد أو التسبب في أذى نفسي، مثلًا لا يمكن أخلاقيًا “إحداث التفكك الأسري” عمدًا من أجل دراسة أثره على الأطفال.

3️⃣ صعوبة التعميم:
من الصعب إيجاد مجتمعات إنسانية متماثلة يمكن مقارنة نتائج التجارب عليها، بخلاف ما هو ممكن في العلوم الطبيعية كالفيزياء أو الكيمياء.


الخاتمة:

يُعد البحث التجريبي من أقوى أدوات البحث العلمي وأكثرها ارتباطًا بالواقع، لما يوفره من قدرة على اختبار العلاقات السببية بدقة. ومع ذلك، لا بد أن يكون الباحث واعيًا بمتى وكيف يستخدم هذا النوع من البحوث، مع مراعاة التحديات الأخلاقية والمنهجية المرتبطة به.
ويتطلب تطبيق البحث التجريبي مهارة وخبرة عالية لضمان تنفيذ دقيق وتحليل موضوعي للنتائج.

اترك تعليقاً