Loading

معايير الاقتباس في البحث العلمي


تُعد معايير الاقتباس في البحث العلمي من الجوانب الجوهرية التي يجب على الباحث الالتزام بها، وذلك لضمان عدم تجاوز الحدود المسموح بها لنسبة الاقتباس في الدراسة، مما يُسهم في الحفاظ على جودة البحث ومصداقيته. كما تساعد هذه المعايير في الحفاظ على التنسيق العلمي المعتمد من قبل الخبراء والمتخصصين في إعداد الأبحاث.


أما عن الاقتباس ذاته، فهو يُعتبر أحد الأعمدة الأساسية في إعداد البحث العلمي، ويُعد من أقدم وأكثر الوسائل استخدامًا في جمع المادة العلمية. يهدف الاقتباس إلى دعم محتوى البحث وتعزيزه بالمصادر الموثوقة. وفي هذا المقال، سنتناول أبرز الجوانب المتعلقة بالاقتباس العلمي.


ما المقصود بالاقتباس في البحث العلمي؟


الاقتباس هو عملية نقل المعلومات أو الأفكار من مصادر علمية موثوقة، سواء بصورة حرفية مباشرة أو بتصرف، بهدف دعم فكرة معينة، توضيحها، نقدها، أو مقارنتها. يُعد الاقتباس وسيلة أساسية لتزويد البحث بالمادة العلمية من مصادرها الأصلية، ويشترط فيه التوثيق الدقيق حفاظًا على الأمانة العلمية وتجنب السرقة الأدبية.


أهمية الاقتباس في البحث العلمي


تُعدّ عملية الاقتباس عنصرًا محوريًا في إعداد الأبحاث العلمية، إذ يعتمد عليها الباحث – في أي مجال كان – للاستفادة من أفكار الآخرين ونقلها بشكل مباشر أو غير مباشر لدعم بحثه. فالاقتباس يُعد وسيلة للوصول إلى الإرث الثقافي والمعرفي المتراكم عبر العصور، وهو مصدر غني يغذي الباحث بالأفكار التي يبني عليها عمله العلمي.


كما يُتيح الاقتباس للباحث الانطلاق من دراسات سابقة نحو آفاق جديدة وأفكار مبتكرة، من خلال توظيف المعارف السابقة بأسلوب حديث ومناسب للسياق الزماني والمكاني. ويساعد أيضًا في فهم الاتجاهات البحثية السابقة ضمن التخصص، مع إبراز الفروقات في النتائج حتى عند تكرار نفس التجارب، ما يعزز من عمق البحث ودقته.


أنواع الاقتباس في البحث العلمي


يتخذ الاقتباس في البحث العلمي أشكالًا متعددة، تهدف جميعها إلى دعم محتوى البحث وتعزيزه، ومن أبرز أنواعه:


الاقتباس الحرفي المباشر:
نقل النصوص أو الأفكار من المصدر كما هي دون أي تعديل، مع الالتزام الكامل بصياغة المرجع الأصلي. يُستخدم هذا النوع عند الاستشهاد بمعلومات دقيقة أو أقوال ذات مصداقية عالية.


1- الاقتباس غير المباشر (الاقتباس بالمعنى):
إعادة صياغة ما ورد في المصدر الأصلي بأسلوب الباحث الخاص مع الحفاظ على المعنى، ويُعرف أيضًا بتلخيص الفكرة، ويتطلب دقة في نقل الفكرة الأصلية وتوثيقها بشكل صحيح.


2- الاستشهاد بكلام المؤلف:
يتضمن هذا النوع إدراج المعنى أو الفكرة التي عبّر عنها المؤلف بأسلوب غير مباشر، لتأكيد وجهة نظر الباحث أو دعم موقف معين في الدراسة.


3- الاقتباس الجزئي:
يتم من خلاله اقتباس جزء محدد من النص الأصلي يدعم فكرة معينة يناقشها الباحث، دون الحاجة إلى استخدام النص الكامل.


4- الاقتباس المتقطع:
يقوم الباحث باقتباس جزء من النص مع إجراء تعديل بسيط كتصحيح أخطاء لغوية أو توضيحات داخلية، على أن تُوضع الإضافات بين أقواس (…)، للدلالة على أنها ليست من النص الأصلي.


5- الإشارة إلى المقابلات الشخصية:
يتضمن هذا النوع الاستفادة من المعلومات التي يجمعها الباحث من خلال مقابلات شخصية مع مختصين أو خبراء في المجال، وتوثيقها كأحد مصادر المعلومات المباشرة.


معايير الاقتباس في البحث العلمي



يلتزم الباحث بعدد من المعايير الأكاديمية لضبط عملية الاقتباس وضمان دقتها ومصداقيتها، ومن أبرز هذه المعايير:


  1. الالتزام بالمعنى الأصلي: يجب أن يعبر الاقتباس عن فكرة المؤلف بدقة سواء تم نقله حرفيًا أو بإعادة الصياغة، مع توثيق المصدر في المتن وفي قائمة المراجع.
  2. الاختصار والوضوح: ينبغي تجنب الاقتباسات الطويلة التي قد تخل بتسلسل الأفكار أو تغير المعنى عند إعادة الصياغة.
  3. الاعتدال في الاقتباس: لا يجب أن تتحول الدراسة إلى تجميع لآراء الآخرين؛ بل على الباحث أن يوازن بين الاقتباس وتحليله الشخصي.
  4. التوثيق الدقيق: لا بد من الإشارة إلى المصدر الكامل لكل اقتباس، وتوضيح ما إذا كان مباشرًا أو غير مباشر.
  5. الاقتباس الضروري فقط: يُفضل استخدام الاقتباسات التي تضيف قيمة حقيقية للبحث أو تخدم أهدافه بوضوح.
  6. التعليق والتفسير: على الباحث توضيح سبب إدراج الاقتباس من خلال التعليق عليه أو ربطه بالسياق العام للدراسة.
  7. النسب المقبولة: يُنصح بألا تتجاوز نسبة الاقتباس 5% من إجمالي محتوى البحث، وألا يزيد الاقتباس الواحد عن 6 أسطر.
  8. الانسجام والاتساق: يجب أن تتكامل الاقتباسات مع مضمون البحث وأسلوبه دون أن تبدو دخيلة أو غير مترابطة.
  9. الاقتباس السليم شكليًا: يجب استخدام علامات التنصيص في الاقتباس المباشر، مع الالتزام بقواعد التوثيق المعروفة.
  10. عدم النسخ واللصق: من الأفضل إعادة صياغة النصوص بأسلوب الباحث بدلًا من نسخها حرفيًا، مع الإشارة إلى أي حذف في النص باستخدام (…) داخل المقطع.
  11. تجنب المصادر غير الموثوقة: لا يُعتمد على محتويات ضعيفة أو غير محكمة علميًا، ويجب التحقق من موثوقية المصدر دائمًا.
  12. الالتزام بالأمانة العلمية: من الضروري عزو كل فكرة أو نص مقتبس إلى مصدره الأصلي، لضمان النزاهة الأكاديمية والبعد عن السرقة الأدبية.

ما الفرق بين الاقتباس والسرقة الأدبية؟


للتفرقة بين الاقتباس المشروع والانتحال (السرقة الأدبية)، يجب على الباحث أن يلتزم بضوابط واضحة، وهي:


  • الاقتباس العلمي يتم ضمن النسبة المسموح بها أكاديميًا، ويُرفَق دائمًا بتوثيق صحيح للمصدر، سواء كان اقتباسًا مباشرًا أو غير مباشر.
  • السرقة الأدبية تحدث عندما ينقل الباحث نصًا أو فكرة من مصدر معين دون الإشارة إليه أو توثيقه، حتى لو أعاد صياغته. وهذا يُعتبر انتحالاً ومخالفة أخلاقية وأكاديمية.
  • إذا اكتُشفت السرقة الأدبية، فإن الباحث يُعد منتحلًا، ما يُعرضه للفشل أو المساءلة الأكاديمية.

لهذا، فإن الاقتباس السليم المرتبط بالتوثيق الدقيق يُعد من الأسس التي تميز البحث الجيد وتحافظ على الأمانة العلمية، بينما تمثل السرقة الأدبية إخلالًا بالأخلاق البحثية وتقوض مصداقية الدراسة.


اترك تعليقاً